تعددت مصادر المعلومات و الاتصال التي عرفها البشر عبر التاريخ تجلت في الشائعات و الحفر على الأشجار و الأعمدة المنصوبة في المعابد أو الميادين العامة . وكان التجار الذين ينتقلون من مكان إلى مكان يحملون معهم الأخبار ، كما كان المنادون يتجولون في عرض البلاد و طولها لنشر الأخبار وأعلان أوامر الحاكم (1).
ومنذ أن
خلق الإنسان وهو لا يستغني عن المعلومات لاستخدامها في شتى مجالات حياته و نشاطاته
. وقد اكتسب الإنسان المعلومات عن طريق المشاهدة و الاستماع و التخيل والتفكير و
الأحلام و الوسائل الأخرى المساعدة على ذلك . وكانت هذه المعلومات عنصرا فاعلا في
تطوير الحضارة الإنسانية و في جميع الإنجازات في فروع المعرفة المختلفة كالعلوم
النظرية و التطبيقية و العلوم الإنسانية و الفنون على مختلف أنواعها و مجالات
تخصصها حيث تتميز المعرفة البشرية يكونها حالة نماء مستمرة و أن مسيرة تطورها لا
تقتصر على أمة دون الأمم الأخرى .
وأن
الإنجازات المعرفية في هذا العصر أنما هي حصيلة لإنجازات الإنسان على مر العصور
والقرون . فقد حرص الإنسان على أن يدون إنجازاته ليرجع أليها عند الحاجة ، ولغرض
تزويد الأجيال القادمة بالمعلومات الوافية عن هذه الإنجازات .
وهكذا عرف
الإنسان الكتابة والتدوين بدافع الحاجة إلى التوثيق و التسجيل التي دعت أليها ظروف
التطور الاجتماعي منذ قيام الحضارات الإنسانية القديمة في وادي الرافدين و وادي
النيل .
فقد حاول
الإنسان منذ البدايات الأولى البحث والتوصل إلى الوسيط الأكثر ملائمة لهذا الغرض
حيث استخدم العديد من المواد المختلفة الشكل و الطبيعة والتركيب . فمثلا استخدم
الرقم الطينية في وادي الرافدين و لفائف البردي في مصر والرق و الجلود في أواسط
آسيا و اليونان وبعض الأشجار في الهند والمعدن والخشب والنسيج في مراكز و أماكن
أخرى من العالم . إلى أن توصل الصينيون (في مطلع القرن الأول الميلادي) إلى صناعة
الورق كوسيط للكتابة والتوثيق ، واستخدم الصينيون الفرشاة للكتابة و التسجيل على
الورق و ظلت هذه الصناعة مقتصرة على الصين قرابة خمسة قرون ثم انتشرت إلى كوريا و
اليابان ووصلت بغداد في نهاية القرن الثامن الميلادي لتنتقل إلى المدن العربية
الأخرى ، ولتصل أسبانيا على يد العرب في حوالي (1150 م ) ، ولم تعرف أمريكا صناعة
الورق آلا نهاية القرن السابع عشر الميلادي .
و نظرا
لكون الورق أقل كلفة و أكثر ملائمة للكتابة و لكونه يتمتع بمزايا المواد الأخرى
(لفائف البردي و الرق) بل يفوقها ، فقد شاع استعماله بشكل أدى إلى انحسار استخدام
تلك المواد وأخذ الورق موضع الصدارة في هذا الاستخدام .
وقد ازدهرت
صناعة الكتابة في العصر العربي الإسلامي حيث تعمقت هذه الصناعة في القرن الهجري
الأول و أصبحت بعض المدن العربية و الإسلامية دور علم و معرفة ، وتطورت أدوات
الكتابة وأوعيتها إلى أن وصلت نضوجها في صناعة الورق في بغداد كما أشرنا سابقا .
فكان ذلك سببا في نشر صناعة الكتاب وازدياد عدد النسخ للكتاب الواحد .
وقد أهتم
العرب عبر تاريخهم القديم بحصر و تنسيق و فهرسة إنتاجهم الفكري في
مجالات
التأليف كافة . و لعل أول عمل ببليوغرافي واسع هو ما قام به أبن النديم المتوفى
سنة 385هجرية (965م) في كتابه (الفهرست) الذي جمع فيه أسماء الكتب العربية
المعروفة .ثم تلاه عدد من المفهرسين منهم طاش كبرى زادة المتوفى سنة 1561م وألف
كتابه الفخم (مفتاح السعادة و مصباح السيادة في موضوعات العلوم ) ثم مصطفى بن عبد
الله المتوفى سنة 1756م مؤلف كتاب (كشف الظنون عن أسماء الكتب و الفنون) وغيرهم
كثيرون .
و يقدر
المتخصصون عدد المخطوطات العربية القديمة ب(3) ثلاثة ملايين مخطوطة منتشرة في
مكتبات العالم في الشرق و الغرب . حيث تناولتها دراسات كثيرة أعدت لها فهارس
مختلفة لعل أهمها ( كتاب تاريخ الأدب العربي ) لكارل بروكلمان ، و (كتاب تاريخ
التراث العربي ) لفؤاد سركيس و ( فهارس المخطوطات العربية في العالم ) لكوركيس
عواد .
وبعد
اختراع ( غوتنبرغ ) للطباعة بحروف متحركة في القرن الخامس عشر الميلادي تعزز دور
الورق حيث أصبح الوسيط غير المنافس للكتابة و التدوين و تصميم المخطوطات و نشر
الكتب و تيسير التعليم داخل المدرسة و خارجها ، كما أدى ذلك إلى تخفيض سلطان
محتكري المعرفة من رجال الكنيسة و الإقطاعيين و زيادة الإقبال على المعرفة من قبل
عامة الناس . و قد رافق ذلك ازدهار صناعة الطباعة و تطورها و ظهور دور النشر في
العالم حيث انتشر الكتاب بشكله الحديث و أصبح في متناول الكثير من طلاب المعرفة
والباحثين .
وفي عصرنا
الحاضر وفي ظل التقدم العلمي و التكنولوجي و تطبيقاتها على مجالات الاتصال و
المعلومات ظهرت وسائط جديدة في حفظ المعرفة و استرجاعها مثل المصغرات الفلمية و
الاسطوانات و الأفلام والإلكترونيات .
وعلى الرغم
من استخدام الإنسان للعديد من المواد المختلفة الشكل و الطبيعة و التركيب ، ظل
الكتاب من أبرز وسائل الاتصال والأعلام والتوثيق (2) .
ويلخص
الدكتور سعد الهجرسي في كتابه (الإطار العام للمكتبات و المعلومات- أو نظرية
الذاكرة الخارجية )(3) المراحل التي مرت بها عملية تطور أوعية المعلومات في ثلاثة
مراحل هي :
1- المرحلة
قبل التقليدية :
و التي
تمثلت في الحجارة و الطين والعظام و الجلود و البردي ، وما أليها من المواد
الطبيعية والحيوانية ، التي استخدمت كما هي دون تغيير كبير في تكوينها.
2- المرحلة
التقليدية و شبه التقليدية :
و التي
تمثلت في الورق الصيني و تطوراته الصناعية ، قبل الصناعة و بعدها حتى ألان ، و
التي تمثلت في المخطوطات والكتب و الدوريات المطبوعة و براءات الاختراع و المعايير
و المواصفات و ما أليها .
3- المرحلة
غير التقليدية :
و التي
تمثلت في المصغرات الضوئية على اختلافها ، وفي المسجلات الصوتية بالأشرطة أو
بالأقراص أو بغيرهما ، وفي المخترعات الإلكترونية على شتى الوسائط .
و إلى جانب
هذا التطور الفكري يمكن إبراز أربع ثورات في وسائط المعرفة تركت آثارا خطيرة على
سير الحضارة الإنسانية في مجال الأعلام و الاتصال . و أولى هذه الثورات حدثت عندما
اخترعت الكتابة فصار الناس يتعلمون لا عن طريق النقل الشفهي فحسب ، بل عن طريق
المخطوط الذي يقرأ . وأدى هذا الاختراع لدى شعوب السومريين و الفينيقيين و
الكنعانيين إلى تعليم ثقافة عصرهم مما جعلهم يتفوقون على جيرانهم . و حدثت الثورة
المعرفية الثانية بعد اختراع غوتنبرغ لآلة الطابعة التي عممت المخطوطات و نشرت
الكتب و يسرت التعليم .
و حدثت
الثورة المعرفية الثالثة عندما اخترعت الوسائل البصرية في عصر الثورة
الصناعية
الأولى إذ استخدمت الصورة كوسيلة أعلام و معرفة بالإضافة إلى الكلمة المكتوبة وذلك
باستخدام أجهزة التصوير و التسجيل و أصبحت الصورة و الرموز البصرية أداة اتصال
هامة و ظهر ما يسمى بوسائل الاتصال الجماهيري كالصحف و المجلات و الإذاعة و التلفزيون
لنقل الصورة و الرموز إلى مساحات شاسعة .
و ظهرت
الثورة المعرفية الرابعة عند اختراع الحاسب الإلكتروني الذي تميز بالسرعة و الدقة
و التنوع و السعة الكبيرة للمعلومات المختزنة لخزن أشكال عديدة من المعلومات
المصاغة على شكل كلمة مكتوبة أو منطوقة أو على شكل رموز و صور بصرية (4) .
و من خلال
التطور التاريخي لمصادر المعلومات على النحو المذكور تجدر بنا الإشارة إلى أن
مؤسسات الاختزان التي ضمنت تلك المصادر و الأوعية قد عرفت بعدد من التسميات
المتوالية أو المتعاصرة في بعض الأحيان منها على سبيل المثال بيوت الحكمة و خزائن الكتب و دور الكتب و دور
المحفوظات و دور الوثائق و مراكز التوثيق و مراكز المعلومات ) .
أن الغرض
الأساسي من مؤسسات الاختزان هذه هو حفظ أوعية المعلومات و نشر المعرفة . وأن
ظهورها كمؤسسات عامة خدم هدفا مشتركا و غاية واحدة . و كانت أوعية المعلومات تخزن في
مكان واحد حيث لم يشعر القائمون عليها عندئذ بضرورة فصل تلك المواد عن بعضها . و
بدأت عملية التمييز بين ما يعرف حاليا بدور الوثائق و المكتبات بعد القرن الخامس
عشر الميلادي نتيجة اختراع الطباعة نظرا للزيادة الهائلة في أعداد المواد المكتبية
و الوثائقية (الأرشيفية)(5) .
وأدى هذا
إلى تميز كل من المكتبات و دور الوثائق بحيث أصبحت لكل منهما وظائفه ذات الشخصية
المتميزة و العمليات الفنية الخاصة به ، على الرغم من
التشابه
العام بين هذين القطاعين في جوهر تلك المؤسسات و في طبيعة هذه الوظائف .
وتبرز عدة
مؤشرات عند المقارنة بين دور الوثائق و المكتبات من أهمها (6) :
1- أن
أوعية دور الوثائق غير خاضعة للتداول العام بل يكون من الضروري أن تبقى سرية
لسنوات عديدة خلافا لما هو قائم في المكتبات .
2- اهتمام
السلطة الرسمية بصورة رسمية بالمفردات المتوفرة في دور الوثائق و تراه عنصرا حيويا
في ممارستها لاعمالها بل تعتبره جزءا لا يتجزأ من وجودها ذاته . بينما لا تحظى
المكتبات في الغالب بهذه المكانة .
3- بالنسبة
لأوعية المعلومات التي تحتويها دور الوثائق هناك قيمة خاصة لوجودها المادي ذاته
كما هو الحال بالنسبة للمراسلات مثلا حيث لا تفي في أحيان كثيرة النسخة المصورة عن
الأصل نفسه في حين أنه تختلف الحالة في الأوعية التي تحتويها المكتبات حيث
بالإمكان الإفادة من النسخ المصورة عن الأصل .
4- تتميز
أوعية المعلومات في دور الوثائق عند إنتاجها باكتفائها بالأصل مع عدد قليل من
النسخ في غالب الآمر بينما نجد أن الحالة تختلف بالنسبة للمكتبات حيث يتم إنتاج
آلاف النسخ من كل وعاء للمعلومات يوجد فيها .
5- أن
عملية الأعداد الفني لأوعية المعلومات في دور الوثائق تختلف عن المكتبات حيث يتبع
في ترتيب أوعية المعلومات في دور الوثائق الطرق المتبعة في ترتيبها في الدوائر و المؤسسات
التي أنتجتها . بينما نجد الحالة في المكتبات أن لكل وعاء للمعلومات رقم تصنيف خاص
به و أنها تفهرس حسب قواعد منطقية متفق عليها دوليا .
ثانيا :
أنواع مصادر المعلومات :
هناك أكثر
من أساس لتقسيم أوعية المعلومات ؛ فهناك من يقسمها طبقا للطريقة المتبعة في
إخراجها إلى فئتين : مصادر مطبوعة و أخرى مخطوطة ؛ او منشورة و غير منشورة . و
هناك من يقسمها طبقا للطريقة المتبعة في تسجيلها و نشرها .
و هناك من
يقسمها طبقا لطبيعة ما تشتمل عليه من معلومات أوليه او ثانوية او من الدرجة
الثالثة.
ولا ننسى
ذلك التقسيم التقليدي للإنتاج الفكري إلى فئتين : إنتاج فكري خيالي Fiction و إنتاج فكري موضوعي Non-Fiction . و نوضح في الأتي
وجهات النظر المتعددة في تقسيم مصادر المعلومات :
أولا :
مصادر المعلومات الوثائقية و غير الوثائقية :
يعتبر هذا
التقسيم الذي ذهب أليه (دنس جروجان )(7) من افضل التقسيمات و أوقعها حيث يقسم
مصادر المعلومات (كما مبين في الشكل رقم 1) إلى فئتين ، مصادر وثائقية وأخرى غير
وثائقية :
1- المصادر
غير الوثائقية :
وهي مصادر
معلومات غير منشورة تهتم في نقل المعلومات الأخبارية و الاستشارية المتعلقة بمختلف
نواحي الحياة اليومية ، و يمثل هذا النوع من مصادر المعلومات قطاعا لا يستهان به
في نظام الاتصال المعرفي سواء بالنسبة للشخص العادي او بالنسبة للباحث المتخصص في
مجال موضوعي معين . فمما لاشك فيه أن هذه المصادر تقدم ما تقصر دونه المصادر
الأخرى . وتنقسم هذه المصادر إلى نوعين هما :
أ-
المصادر الرسمية : و تشمل المعلومات الإرشادية و الاستشارية و الإعلامية التي يحصل
عليها الفرد من :
- الإدارات
و المصالح الحكومية المركزية منها و المحلية .
- مراكز
البحوث .
- الجمعيات
العلمية و الاتحادات المهنية .
- المؤسسات
الصناعية بالقطاعين العام والخاص .
- الجامعات
و المعاهد .
- المكاتب
الاستشارية .
ب –
المصادر غير الرسمية او الشخصية :
و تشمل
المعلومات الشفاهيه التي يحصل عليها الفرد نتيجة تحاوره مع الأشخاص المحيطين به ،
و رغم ما تتمتع به هذه المصادر من مرونة و طواعية فضلا عن التفاعلية الناتجة عن
فورية الاستجابة فأن إمكانية الاعتماد عليها تتفاوت تفاوتا ملحوظا من مجال إلى آخر
. كما أنها قد لا تكون متاحة آلا لفئات معينة ممن يحتاجون إلى المعلومات . أضف إلى
ذلك أن أهميتها تقتصر في بعض الأحيان على مجرد توجيه نظر المستفيد منها إلى
المصادر الوثائقية بأنواعها المختلفة كما أن متابعة أي اتصال شخصي من الممكن أن
تنتهي إلى صفحة مطبوعة او إلى أي شكل من أشكال أوعية المعلومات ، و يشمل هذا النوع
من مصادر المعلومات :
- محادثات
الزملاء و الزوار و غيرهم .
- اللقاءات
الجانبية بالمؤتمرات و الندوات .
2- المصادر
الوثائقية :
و تشمل هذه
المصادر جميع أنواع الوثائق التي تشكل الذاكرة الخارجية التي تختزن حصيلة المعرفة
البشرية و التي مرت أشكالها بسلسلة طويلة من التطورات (كما ذكرنا آنفا) بدأت
بالنقش على الحجر ووصلت إلى الحفر بالليزر . و تشكل ألان ما يمكن تسميته بمجتمع
أوعية المعلومات . و هو مجتمع فضلا عن ضخامته و ارتفاع معدلات نموه يتسم بالتشتت
النوعي و الشكلي و الموضوعي و الجغرافي و اللغوي . وتنقسم هذه الفئة تبعا لطبيعة
ما تشتمل عليه من معلومات إلى ثلاث فئات فرعية هي :
أ- الأوعية
الأولية للمعلومات :
ويقصد
بالأوعية الأولية هنا تلك الوثائق او المطبوعات التي تشتمل أساسا على المعلومات
الجديدة غير المسبوقة ، او التصورات او التفسيرات الجديدة لحقائق او أفكار معروفة
. ومن الطبيعي أن تشكل التقارير الأولية للدراسات العلمية و التقنية الجانب الأكبر
من هذه الفئة .
أن تسجيل
المعارف في هذه الفئة من أوعية المعلومات عادة ما يتم في أشكال مختلفة إذ أن قدرا
لا يستهان به من هذه الإسهامات قد لا يرى النور بالنشر و أنما يظل بعيدا عن المجرى
الرئيسي لتدفق المعرفة البشرية مما يضاعف من صعوبة الحصول عليه من للمكتبات و
مراكز المعلومات و من أمثلة هذه الأوعية غير المنشورة : ( مذكرات المختبرات ،
المفكرات و اليوميات، تقارير البحوث المحلية ، وثائق الهيئات و المنظمات ، أعمال
بعض المؤتمرات و الندوات ، المراسلات و السجلات الشخصية ، الاطروحات و الرسائل
الجامعية ) .
أن الإنتاج
الفكري الأولي يتسم في كونه موجها للباحثين و بأسلوب قد لا يناسب سواهم فضلا عن
كونه يفتقر إلى الترابط و التنظيم مما يضاعف من صعوبة تتبعه و الحصول عليه و
الإفادة منه .
أ-
الأوعية الثانوية للمعلومات :
وهذه تجمع
مادتها من الأوعية الأولية و تعتمد عليها كما ترتب الأوعية الثانوية عادة حسب خطة
معينة و تكون موجهه وظيفيا لتحقيق أهداف معينة كتجميع المتشتت او تبسيط المعقد
لصالح الأهداف التطبيقية او التعليمية او التثقيفية ، و من أمثلتها الكشافات و
نشرات المستخلصات Abstracting
Bulletins .
و غيرها من
وسائل التحليل الموضوعي لأوعية المعلومات ، كالمراجعات العلمية Reviews of Progress بالإضافة إلى الكتب
المرجعية كالموسوعات و المعاجم المتخصصة و كتب الحقائق و الموجزات الإرشادية إلى
جانب الأعمال
الشاملة
والكتب الدراسية . و يمكن تفريع النتاج الفكري الثانوي إلى :
- الأوعية
التي تكشف أجزاء مختارة من الإنتاج الفكري الأولى و بالتالي فهي تساعد في العثور
على ما تم نشره في موضوع معين سواء كانت المعلومات جارية او راجعة و من أمثلة ذلك
الكشافات و الببليوغرافيات و الدوريات الكشفية و أحيانا دوريات المستخلصات .
- الأوعية
التي تقوم بمسح Survey
بعض أجزاء مختارة من الإنتاج الفكري الأولى و بالتالي فهي تساعد على التعرف على
حالة الموضوع في وقت معين State of
the Art أي أنها تعرفنا بالخلفيات الأساسية الحديثة او المعلومات الشاملة
والمحددة عن موضوع معين و هذه مثل المراجعات Reviews و أحيانا تعكس المسلسلات
الاستخلاصية هذا النوع .
- الأوعية
التي تحتوي على المعلومات المطلوبة نفسها و لكن بطريقة مختصرة و مجدولة للتعريف
بالحقائق او المعاني او النظريات و التاريخ و التراجم …الخ .
وهذه
المعلومات تجمع عادة بطريقة انتقائية من الإنتاج الفكري الأولى ثم ترتب
بطريقة
محددة و عادة يكون الترتيب منهجيا موضوعيا او هجائيا و ذلك يسهل حتى البحث فيها
ومن أمثلة هذه الأوعية : القواميس و الموسوعات و كتب الحقائق و تجميعات الجداول Tables .
ج_ أوعية
المعلومات من الدرجة الثالثة :
يرى جروجان
(Grogan) أن هذه الفئة من
أوعية المعلومات تعتبر أداة الباحث لاستخدام كل من أوعية الدرجة الأولى و الثانوية
أي أن معظم هذه الأوعية من الدرجة الثالثة لا تحتوي على معلومات موضوعية مطلقا . و
من هنا يضع جروجان الكتب النصية الدراسية Textbook في الشكل الثاني أي ضمن الأوعية الثانوية للمعلومات
على اعتبار أنها تتحدث عن المعلومات الأولية و تقتبس منها و أن كان بعض الباحثين
يضعونها ضمن أوعية المعلومات من الدرجة
الثالثة …
و على كل حال فالفئة الثالثة تشتمل الأدلة الببليوغرافية كقوائم الكتب و الدوريات
و الأدلة المرشدة للإنتاج الفكري ( Guides
to the Literature )
ثانيا :
تقسيمات رانجاناثان لأوعية المعلومات (8) :
لقد ذهب
رانجاناثان إلى تقسيم أوعية المعلومات على أساس أشكالها . وتجدر الإشارة هنا إلى
أن تقسيم أوعية المعلومات وفقا لأشكالها المادية هو أكثر التقسيمات عرضة للتغيير
مسايرة للتطورات التقنية المتلاحقة في وسائل التسجيل و النشر و الاختزان ؛ فقد
توقف رانجاناثان على سبيل المثال عند المصغرات الفيلمية حيث كانت تمثل قمة التطور
التقني في عصره ببنما تتربع اسطوانات الليزر على القمة في الوقت الحاضر .
كذلك قسم
رانجاناثان الوثائق تبعا لمدى تداولها و حماية حقوق تأليفها و مستويات أتاحتها إلى
ست فئات هي (9) :
( أ )
الوثائق المقيدة : وهي الوثائق التي يقتصر توزيعها على هيئات معينة او أفراد
بالذات ، وغالبا ما تقوم معظم الأجهزة الحكومية والمنظمات الدولية بأصدار مثل هذه
الوثائق ، التي غالبا ما تشتمل على نتائج ممارسة هذه الأجهزة لنشاطها .
( ب )
الوثائق الداخلية : وهي الوثائق التي لا يتعدى مجال الإفادة منها حدود المؤسسات
التجارية والصناعية التي أنتجتها .
( ج )
الوثائق الخاصة : وهي الوثائق التي يقتصر تداولها على الخاصة دون سواهم ، كما هو
الحال مثلا بالنسبة للأطروحات وملفات تحليل المعلومات .
( د )
الوثائق السرية : وهي الوثائق التي يحظر تداولها خارج نطاق مجموعة معينة من
المستفيدين ، كما هو الحال بالنسبة لتقارير بحوث التطوير في المؤسسات الصناعية
والبحوث المتعلقة بالجوانب الحيوية والاستراتيجية والأمنية .
( ه )
الوثائق ذات حقوق الطبع والنشر المحفوظة : وهي الوثائق التي تحفظ حقوق طبعها
ونشرها لصالح فرد او هيئة خلال فترة معينة ، والتي لا يمكن استنساخها دون موافقة
صاحب امتياز النشر ، وهذه تشكل السواد الأعظم من الأوعية المتداولة .
( و )
الوثائق غير الخاضعة لحقوق النشر : وهي الوثائق التي تحللت من حقوق النشر ، والتي
يمكن لأي فرد استنساخها دون قيد .
وكما هو واضح
فأن الفئات الثلاث الأولى تدخل تحت مظلة ما يسمى بالإنتاج الفكري الرمادي .
ثالثا :
تقسيم أوعية المعلومات على أساس طبيعة معلوماتها و مدى تداولها (10) :
هما :
الأوعية المنشورة و الأوعية غير المنشورة ، و يختلف عن تقسيمات الجدول (رقم 1) في
عدد الفئات و محتوياتها كل فئة . و يلاحظ في هذا التقسيم انه يتحيز للإنتاج الفكري
في العلوم و التكنولوجيا بشكل واضح .
وهكذا يتضح
مما تقدم كثرة الاحتمالات في تقسيم أوعية المعلومات . فكل تقسيم أنما يعبر عن وجهة
نظر معينة . كما انه ينطوي على قدر من التقريب يبلغ حد التعسف في بعض الأحيان .
ومن ثم فأننا لن نصادف تقسيما مثاليا يحظى بإجماع القبول وأنما كل تقسيم يعتبر
صالحا- من وجهة نظر صاحبه على الأقل-
طالما كان
وافيا بالغرض في سياق معين . و نود أن نؤكد أن التقسيم الوارد في الشكل (1) هو
أفضل التقسيمات حتى ألان حيث يستند إلى بعض ما أسفرت عنه دراسات الاتصال العلمي من
نتائج و خاصة ما يتعلق منها بالإفادة من أوعية المعلومات .